روائع مختارة | واحة الأسرة | أولاد وبنات (طفولة وشباب) | جاهد.. حتى النفس الآخير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > أولاد وبنات (طفولة وشباب) > جاهد.. حتى النفس الآخير


  جاهد.. حتى النفس الآخير
     عدد مرات المشاهدة: 3416        عدد مرات الإرسال: 0

(قرر طالب ياباني في عام 1938م أن يستثمر كل ما يملك في ورشة صغيرة، ليصنع محرك سيارة ويبيعه لشركة تويوتا، وبعد عمل مضنٍ متواصل.

ترفض تويوتا شراء محركه؛ لأنه لا يتوافق مع مقاييس الشركة، عاد إلى دراسته ليتحمل سخرية مدرسيه وزملائه لفشله في صنع المحرك.

وفي عام 1940م ينجح في تصنيع المحرك، وتوقع معه شركة تويوتا عقدًا طالما حلم بتوقيعه.

ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، وتعلن الحكومة اليابانية دخول الحرب العالمية الثانية، ولذا رفض طلبه للحصول على الأسمنت اللازم لبناء مصنعه، فماذا يصنع؟

قام هو وفريقه باختراع طريقة مبتكرة لإنتاج الإسمنت اللازم لهم ومن ثم بنوا مصنعهم.

ثم تأتي سنوات الحرب، ويتم قصف مصنعه مرتين، مما أدى إلى تدمير أجزاء رئيسة من هذا المرفق الصناعي، فكيف كانت استجابته؟ لقد جند فريقه على الفور وأخذوا يجمعون علب البنزين الفارغة التي كانت المقاتلات الأمريكية تتخلص منها.

والتي وفرت له المواد الأولية التي يحتاجها لها، وهي مواد لم تكن متوفرة في اليابان حينذاك، ويبدأ المصنع في العمل، ولكن زلزال يضرب المصنع، فيضطر إلى بيع ما تبقى منه لشركة تويوتا.

بعد الحرب، تعاني اليابان من ندرة مريعة في مؤونات البنزين، فيقرر بطل قصتنا أن يركب محركًا صغيرًا لدراجته، وسرعان ما أخذ جيرانه يطلبون منه أن يصنع لهم دراجات، ولذا قرر أن يبني مصنعًا لصنع المحركات لاختراعه الجديد.

غير أنه لم يكن يملك رأس المال اللازم، فأخذ يناشد أصحاب محلات الدراجات في اليابان وعددهم (18000) أن يهبوا لمساعدته.

وأخذ يكتب خطابات لهم ليبلغهم بأنه يسعى للعب دور في إعادة إحياء اليابان من خلال قوة الحركة التي يمكن لاختراعه أن يوفرها، واستطاع إقناع (5000) من هؤلاء البائعين بأن يقدموا له رأس المال اللازم.

غير أن دراجته النارية لم تبع إلا للأشخاص المغرمين جدًا بالدراجات، ولذا أجرى تعديلاً جديدًا لصنع دراجات أخف كثيرًا وأصغر من دراجته، وسرعان ما حققت الدراجة نجاحًا باهرًا.

بعد ذلك بوقت قصير يفوز بجائزة إمبراطور اليابان، ومن ثم يبدأ بتصدير دراجاته النارية إلى أوروبا والولايات المتحدة، إلى أن صنع أول سياراته في السبعينيات من القرن العشرين، وحظيت هذه السيارات برواج واسع النطاق) [كيف أصبحوا عظماء؟ د. سعد سعود الكريباني، ص(165-169)، بتصرف واختصار].

لقد كان الالتزام بل والوفاء التام بهذا الالتزام هو الجزء الأهم في قصة ذلك المهندس الياباني، وهو الذي أوصله إلى إنشاء شركة سيارات يابانية معروفة حملت اسمه، وهي شركة "هوندا".
الالتزام، لماذا؟

1.      طريق النجاح:

الالتزام هو أهم سبل النجاح والتميز، ومن ثم لا يمكن للإنسان أن يحقق المبادرة الفعالة وينجح في تلك المبادرة، ويصبر على نتائجها إلا بالالتزام، فكما يقول زيج زيجلير: (يفشل الناس أحيانًا، ليس بسبب نقص القدرات، ولكن بسبب النقص في الالتزام) [المفاتيح العشرة للنجاح، د.إبراهيم الفقي، ص(111)، بتصرف يسير].

2.      فوق الحواجز:

فالالتزام والوفاء به حتى الممات هو الضمان للقفز فوق حواجز وعقبات المبادرة والفاعلية، فكما يقول جون مكسويل في كتابه لليوم أهميته: (في أي وقت تقطع على نفسك عهدًا، فإن العهد سيواجه تحديات كثيرة) [لليوم أهميته، جون سي ماكسويل، ص(159)].

3.      أراك على القمة:

وحتى تصل إلى القمة في التميز، فإليك نصيحة دكتور روبرت شولر في كتابه قوة الأفكار، حين يقول: (ابذل قصارى جهدك وابدأ صغيرًا، ولكن فكر على مستوى كبير عليك باجتياز العواقب واستثمر كل ما عندك، وكن دائمًا مستعدًا للتصـرف وتوقع العقبات، ولكن لا تسمح لها بمنعك من التقدم) [المفاتيح العشرة للنجاح، د.إبراهيم الفقي، ص(116)].

إذا أردت أن تغرس المبادرة في نفسك فابدأ بقطع الالتزامات على نفسك والوفاء بهذه الالتزامات، اتفق مع نفسك واقطع عليها العهد أن تحافظ على فعل شئ معين ووف بهذا العهد والتزم به بالفعل فأنت بذلك تنمي ثقتك بنفسك، وتولد لديها قناعة بأنك تستطيع تحويل الكلام النظري إلى واقع عملي وأنك شخص إيجابي يختار الاختيار الأفضل ويأخذ القرار السليم ثم ينفذه ويلتزم بتنفيذه.

يقول ستيفن كوفي: (إن الالتزامات التي نقطعها على أنفسنا أو لغيرنا، وتمسكنا بهذه الالتزامات، هو الجوهر وأكثر الوسائل وضوحًا للإعلان عن إيجابيتنا.

وهكذا فإننا نكون بإزاء نهجين لجعل أنفسنا مسيطرين على حياتنا على الفور: إننا نستطيع أن نبذل وعدًا ثم نفي به ، أو نستطيع أن نضع هدفًا ونعمل من أجل تحقيقه.

وبقطع الالتزامات والوفاء بها، حتى الالتزامات البسيطة، فإننا نبدأ في تكوين استقامة باطنية تخلق لدينا الوعي بالتحكم في الذات والشجاعة والقوة لتقبل المزيد من المسئولية تجاه حياتنا، وببذل الوعود وإيفائها لأنفسنا وللآخرين فإن أمانتنا تكبر شيئًا فشيئًا) [العادات السبع للناس الأكثر فاعلية، ستيفن كوفي، ص(128-129)].

إن إلزام النفس بما نقطعه عليها من عهود ومواثيق لهو الطريق إلى القوة الذاتية الحقيقية وإلى ذرِّ الرماد عن جمرة الإيجابية المشتعلة داخل أنفسنا.  

ومن هنا يمكننا تعريف الالتزام بأنه قوة دافعة تجعل الظروف الصعبة تحديات تذكي الهمم وتشعل الحماسة، وليست عقبات تعترض طريق المبادرة والفاعلية، فهي باختصار قوة تدفعنا لإنجاز الأعمال العظيمة والمواظبة والاستمرار عليها.

ثلاثية الالتزام:

1.      وضوح الهدف:

فكما يقول سيسل ديميل: (أغلبنا يسعى لتحقيق أهدافه بشكل يفتقر إلى المثابرة والمواظبة، إن الشخص الذي يحقق النجاح في الحياة، هو الذي يضع هدفه نصب عينيه بصفة مستمرة، ويتجه إليه بلا انحراف) [أفضل ما قيل في قوة الأهداف، كاثرين كارفيلاس، ص(23)].

2.      رفقاء الدرب:

فأنت تحتاج في طريق المبادرة والفاعلية إلى رفقاء الدرب ممن جعلوا الالتزام شعارهم، كما يقول دونالد كليفتون: (إن العلاقات تساعدنا على تحديد هويتنا وإمكاناتنا المستقبلية، وأغلبنا يستطيع أن يقتفي أثر إنجازاته ليجدها مرتبطة بعلاقات محورية في حياته) [لليوم أهميته، جون سي ماكسويل، ص(220)].

3.      العمل الدائب:

فكما يقول الدكتور عبد الكريم بكار: (لو تصفحتم يا أبنائي وبناتي سير عظماء الرجال وعظيمات النساء لوجدتم أنهم يشتركون في عدد من الصفات والعادات الحسنة، وهي التي جعلتهم عظماء ومتميزين وستجدون من بين تلك الصفات "المثابرة" والقدرة على الاستمرار في العمل.

وذلك لأن الأعمال الصغيرة حين تستمر تتراكم وتتحول إلى أعمال عملاقة وكلكم يعرف ما تفعله قطرات الماء الواهية في الحجر الأصم إنها مع الاستمرار تحفر فيه الأخاديد، وتغير شكله) [50 شمعة لإضاءة دروبكم، د.عبد الكريم بكار، ص(107)].

وهكذا العمل الدائب، والسعي المستمر، يجعل من العمل البسيط المستمر قطرات تحفر أخدود المبادرة في نفس كل منا.

كيف تبني الالتزام؟

الطريق الأول: التزم بالمهام اليومية:

1. ألزم نفسك بمهمات يومية من الأعمال النافعة، مراعيًا أن تكون تلك الأعمال ضمن طاقاتك وقدراتك، واحذر من الإكثار؛ حتى لا تصاب بالملل، فيكون ذلك سببًا للانقطاع عنها، فكما يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (وإن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل) [صححه الألباني].

2.      كافئ نفسك عند التزامها بالمهام المطلوبة منها.

3.      وقِّع على نفسك بعض العقوبات الشخصية عند تقصيرك في أداء ما ألزمت به نفسك.

4.      اقرأ في تراجم بعض الذين حققوا الإنجازات الكبيرة في الحياة لتتعلم منهم كيف ارتقوا إلى القمة.

الطريق الثاني: الالتزام الأسبوعي:

1-في بداية كل أسبوع خذ على نفسك عهدًا بتحقيق إنجاز كبير نوعًا ما، كأن تحفظ قدرًا معينًا من القرآن، أو تنهي قراءة كتاب ما، ونحو ذلك ...

2-    ارصد لنفسك مكافأة كبيرة في حالة انجازها المهمة، وتوعدها بعقوبة كذلك في حالة عدم الإنجاز.

3-    كافئ نفسك عند الوفاء بذلك العهد، وعدها بغيره.

4-إذا لم توف النفس بالعهد، فلا تؤنبها ولا تكسرها ولكن استمع إلى الأسباب التي جعلتها لا تتمكن من فعل هذا العهد.

فإن وجدت الأعذار مقبولة فسامحها وأعطها فرصة أخرى ,وإن لم تجد ذلك فأجر العقوبات عليها، واتفق معها على عهد جديد في حدود إمكاناتها وقدراتها وكرر ثقتك فيها، وأنها قادرة هذه المرة بإذن الله على الوفاء بالوعد.

للآباء نصيب:

يجب على الآباء أن يكون لهم دور في تدريب أبنائهم على الالتزام والمسئولية (فامنح أيها الوالد ابنك المراهق بعض الأساليب البسيطة لتساعده على تنظيم نفسه، أعطه مخططًا يوميًا أو أجندة لتدوين الملاحظات، ومواعيده.

والأحداث الاجتماعية، شجعه على تطوير إجراءات تنظيمية معينة حتى تصبح عادة راسخة لديه، كالانضباط في المواعيد، وتحقيق الهدف في الوقت المحدد) [تنشئة المراهقين، لين هاجنز-كوبر، ص(42)].

المصادر:

·          تنشئة المراهقين، لين هاجنز-كوبر.

·          50 شمعة لإضاءة دروبكم، د.عبد الكريم بكار.

·          كيف أصبحوا عظماء؟ د. سعد سعود الكريباني.

·          المفاتيح العشرة للنجاح، د.إبراهيم الفقي.

·          لليوم أهميته، جون سي ماكسويل.

·          أفضل ما قيل في قوة الأهداف، كاثرين كارفيلاس.

·          العادات السبع للناس الأكثر فاعلية، ستيفن كوفي.
 

المصدر: موقع مفكرة الإسلام